مخاطر وإيجابيات استخدام الطفل للإنترنت

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
مخاطر وإيجابيات استخدام الطفل للإنترنت

بفضوله.. يحاكي الطفل كل ما يراه دون أن يعلم إذا كان ذلك صحيحاً أم لا، حيث يتشكل سلوك الطفل من خلال ما يغرس فيه ويتعلمه من الآخرين.

أما في عصر التطور التكنولوجي فقد بات الإنترنت صاحب الدور الأكبر في رسم سلوك الطفل وتحديد الطريقة التي ينظر بها إلى الأشياء، من خلال المحتوى الذي يتعرض له ثم يحاكيه ويتكون على أساسه سلوكه وتفكيره.

فإذا كان المحتوى جيداً ومناسباً لعمر الطفل يتشكل سلوكه بطريقةٍ سليمةٍ، أما إذا كان المحتوى غير ملائمٍ لعمره ويحتوي على مشاهد وصور أو ملامح لأشياء تتجاوز عقل الطفل ومداركه.

فسيكون التأثير خطيراً وسلبياً سواء على سلوكه أم نفسيته. في هذا المقال سنتحدث عن تأثير الإنترنت على الأطفال ودور الأهل في حماية أبنائهم من أخطار المحتوى الإلكتروني غير المناسب لأعمار أولادهم.

بالإضافة إلى أهم النصائح والإرشادات حول كيفية تجنيب الطفل مخاطر الاستخدام الخاطئ للإنترنت.

 

كيف يتخيل الطفل الانترنت؟

يستخدم الأطفال شبكة الإنترنت دون أن يدركوا ما يترتب على هذا الاستخدام من أضرار أو فوائد، حيث تختلف تصورات الأطفال للإنترنت بحسب استخدامه ووفقاً للطريقة التي يرسم بها الأهل مفهوم الإنترنت في ذهن أطفالهم.

أجرت جامعة "ساتيا كريستينا" في إندونيسيا دراسةً حول تصور الأطفال الذين بعمر 6 سنوات للإنترنت بالتعاون مع جامعة "صن شاين كوست" الاسترالية.

حيث طلب فريق الباحثين من مجموعة أطفالٍ في سن السادسة أن يرسموا ويصفوا ما يعرفونه عن شبكة الإنترنت.

بعد تحليل رسومات وأفكار الأطفال تبين أن بعض الأطفال ينظرون إلى الإنترنت على أنه مساحةٌ واسعةٌ من الخيال والبعض الآخر اختصره برسم أشرطة فيديو وأيقونات وجهاز تلفاز.

بعض الأطفال تخيلوه كماكينة خياطةٍ أو كمربعٍ أبيض كبير، آخرون وصفوه بأنه غامضٌ ومثيرٌ وممتعٌ.

لكن الاستخدام الفعلي وصورة الإنترنت الحقيقية المترسخة في ذهن الأطفال يحددها الأهل لهم وبشكلٍ خاص في المراحل الأولى من عمر الطفل.

 

الأطفال يستخدمون الإنترنت منذ سن الثالثة فما هي مخاطر ذلك؟

يبدأ الطفل بالوصول إلى الإنترنت والتعرض إلى مختلف محتوياته في سن الثالثة وبشكلٍ خاصٍّ إذا كان الأهل لا يراقبون أطفالهم ويتركون لهم الحرية في استخدام الإنترنت.

في تقريرٍ أعدته الصحفية فيكتوريا وارد (Victoria Ward) (صحفية بريطانية كانت تعمل لدى نيويورك تايمز ثم انتقلت إلى التلغراف) بينت فيه أن متوسط العمر الذي يبدأ فيه الطفل باستخدام الإنترنت هو سن الثالثة.

حيث أجرت الصحفية لقاءاتٍ مع عدد من الأهالي والأطفالٍ توصلت خلالها إلى تلك النتيجة، كما بينت في التقرير "تساهل الأهل في التعامل مع وصول الطفل إلى الإنترنت في هذا العمر".

كما أن كثيراً من الأطفال يتعرضون إلى محتوياتٍ غير لائقةٍ مثل: المشاهد العنيفة والعدوانية والإباحية، ما يؤكد عدم متابعة الأهل لنشاط طفلهم على الإنترنت وذلك يقود إلى العديد من التأثيرات السلبية على الطفل.

إذ بينت الصحفية أن "العديد من الأطفال الذين التقتهم كانوا يشعرون بالغضب في حال عدم وصولهم إلى الإنترنت، والبعض الآخر أظهر رغبته في قضاء وقتٍ كبيرٍ في العالم الافتراضي أكثر مما يرغب بذلك بالنسبة للعالم الحقيقي".

 

إهمال الأهل المسبب الرئيسي لإدمان الطفل على استخدام الإنترنت

قد يلعب الأهل دوراً رئيسياً في إدمان أطفالهم على استخدام الإنترنت، بحيث يصبح الطفل غير قادرٍ على البقاء مدة طويلة دون استخدامه.

فإهمال الأهل للطفل أو طريقة تعاملهم معه من الأسباب الرئيسية لتوجه الطفل نحو استخدام الإنترنت بعيداً عن رقابتهم.

أجرى قسم العمل الاجتماعي في الولايات المتحدة بالتعاون مع قسم العلوم الاجتماعية في جامعة تايوان دراسةً نشرت في مجلة "الكومبيوتر وسلوك الإنسان" عام 2016.

أظهرت الدراسة أن "سوء تعامل الأهل مع الطفل سواء من خلال الإهمال النفسي وعدم مراعاة نفسية الطفل وسلوكه أو من خلال العنف الجسدي الممارس على الطفل.

يسبب صدمةً نفسيةً للطفل تظهر في فترة مبكرة لديه أو قد تظهر في فترة المراهقة، وتأتي مرحلة ما بعد الصدمة التي يحاول الطفل فيها الهروب من العالم والمحيط الذي يعيش به، فيدفن نفسه في عالمٍ افتراضي هو عالم الإنترنت".

 

مخاطر استخدام الطفل للإنترنت دون رقابة

يؤدي استخدام الإنترنت من قبل الأطفال بعيداً عن رقابة الأهل وبشكلٍ غير منظمٍ إلى العديد من المخاطر، ففي دراسةٍ أعدها مركز بحوث التربية والإنماء في لبنان حول أهم المخاطر التي تلحق بالأطفال نتيجة الاستخدام السيئ للإنترنت.

تبين أن أهم هذه المخاطر:

1- التعرض للعنف السيبراني

هو تعرض الطفل للسباب والشتم والإرهاب النفسي من خلال المحادثات على شبكة الإنترنت، ومن خلال الصور والفيديوهات التي تُرسل للطفل، ما يؤدي إلى اكتئاب الطفل وشعوره بأنه منبوذ ووحيد.

2- التعرض للمضايقة والابتزاز

يتمثل ذلك بالمحتويات المحرجة والعدوانية أو المزعجة التي يتعرض لها الطفل في رسائل البريد الإلكتروني وغرف الدردشة التي تشكل أماكن خطرة على الطفل، حيث لا يمكن التعرف على هوية جميع المشاركين.

3- التعرض إلى محتوى غير لائق

بسبب انتشار محتويات عنيفة وإباحية أو محتويات تشجع على تعاطي المخدرات، إذ يكون الوصول إلى هذه المحتويات سهلاً ومتاحاً بالنسبة للطفل، كل ذلك يسبب انحراف سلوك الطفل.

4- التعصب الديني والعرقي والتشجيع على العنف

يتعرض الطفل من خلال الإنترنت إلى العديد من المشاهد العنيفة والدموية، كما أن هناك الكثير من ألعاب الفيديو والرسوم المتحركة التي تصاغ بشكلٍ عنصري، بالإضافة إلى ما قد يسمعه الطفل في غرف الدردشة من كلامٍ عنصري.

 

أهم النصائح لتنظيم استفادة الطفل من الإنترنت

قد يكون من غير الممكن منع الطفل من استخدام الإنترنت في العصر الحديث، بل من الأفضل السماح للطفل باستخدام الإنترنت لكن بشكلٍ منظمٍ و خاضعِ لرقابة الوالدين.

وهذه جملة من النصائح لمساعدة الأهل في حماية أطفالهم من الاستخدام غير الواعي للإنترنت:

  1. أن يضع الأهل جهاز الكمبيوتر بمكانٍ ظاهرٍ في البيت: بحيث يتمكن الوالدان من مراقبة الطفل وهو يستخدم الإنترنت.
  2. تعليم الطفل كيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر بشكلٍ صحيحٍ: وكيف يستخدم الإنترنت وعدم تركه يتعلم ذلك بمفرده.
  3. أن يقوم الآباء بتنظيم وقت استخدام الطفل للإنترنت: بالنقاش مع الأطفال حول الزمن الذي سيُسمح لهم بقضائه في استخدام الإنترنت.
  4. أن يكون لدى الآباء والأمهات والمربين اطلاع كاف على كيفية استخدام الإنترنت وأضراره: وأن يكونوا على درايةٍ  بالمواقع التي تؤثر سلباً على الطفل.
  5. معرفة الأشخاص الذين يتواصل معهم الطفل: كما يجب إبعاده عن التكلم مع الأشخاص الغرباء الذين لا يعرف عنهم شيء.
  6. ينبغي على الأهل أن يعرفوا المحتوى الذي يتعرض له الطفل: وأن يتم اختيار المحتوى بإشراف الأهل، فالرقابة من قبل الأهل على كيفية استخدام الطفل للإنترنت من أهم الأمور لوقايته من أخطاره.

كما أشار الدكتور "عبد الرحمن الشميمري"؛ (مؤسس مجموعة قنوات المجد الفضائية بالسعودية)، في كتابه "التربية الإعلامية" إلى عدة نصائح حول تعامل الأهل مع الطفل خلال نشاطه على الإنترنت، وأهمها:

1. انتقاء المحتوى الذي يشاهده الطفل

إن انتقاء المحتوى الذي يتمثل بتحديد المواد التي يشاهدها الطفل عبر الإنترنت من قبل الأهل يشكل حلاً لتجنيب الطفل خطر الاستخدام السيئ للإنترنت، من خلال إبعاده عن المواقع والصفحات التي تشكل خطراً عليه واختيار المحتوى الذي يتلاءم مع الطفل ولا يتجاوز مداركه .

2. تفعيل المشاركة العائلية

قد يكون استخدام الطفل للإنترنت وسيلةً جيدةً لتفعيل المشاركة العائلية من خلال برامج المحادثة عبر الإنترنت، حيث يكون ذلك بتواصل الأهل مع أطفالهم من خلال الإنترنت، ما يعزز رقابة الأهل ويقوي علاقة الطفل بعائلته.

3. تنمية الحوار والتفكير الناقد

عندما يكون الأهل بالقرب من الطفل أثناء ممارسة نشاطه على الإنترنت يكون بمقدورهم فتح باب مناقشة المحتوى الذي يراه الطفل.

مثلاً أن يسأل الأهل طفلهم هل ما تشاهده حقيقياً؟ ما الذي تشعر به عندما ترى ذلك؟ هل تحبه؟ وما الذي لم تحبه؟

إن ذلك يساعد الأهل في التعرف على أفكار أطفالهم وميولهم، بالإضافة إلى مراقبة نشاطهم عبر الإنترنت، كما ينمي ذلك لدى الطفل القدرة على فهم المضمون.

 

ايجابيات ومواقع تعليمية مفيدة للأطفال

هناك العديد من المواقع التعليمية للأطفال على شبكة الإنترنت، تساهم في تسهيل وصول المعلومات للأطفال، وتعزيز ما يتعلمونه في المدرسة أو ما سوف يتعلموه من أهم هذه المواقع:

  • موقع (Kids national geographic)، موقع يتضمن أشرطة الفيديو والألعاب التي تساعد الطفل في التعرف على الأماكن من حوله، بالإضافة إلى معرفة العديد من أنواع الحيوانات والتمييز بينها.
  • موقع (Brain pop)، يتضمن رسوم متحركة تستخدم لتسهيل تعليم الطفل بعض الظواهر العلمية والمعلومات التاريخية بشكلٍ مبسطٍ ويسير.
  • موقع (Agnitus)، يساعد الأطفال في التعرف على العلاقات بين الأشياء من خلال تتبع الأسهم، كذلك التعرف على الألوان والقراءة.
  • موقع (ِAbc Mouse)، يمّكن الطفل من قراءة القصص والسماع إلى الموسيقى والتعرف على الألوان، بالإضافة إلى وجود ألعابٍ تعليميةٍ.
 

إرشادات التعامل مع استخدام الطفل للإنترنت وفقاً لعمره

أصبح استخدم الإنترنت شائعاً بين الأطفال من مختلف الفئات العمرية، إذ صار وصول الطفل متاحاً إلى الإنترنت سواء عبر الهواتف النقالة أو أجهزة الحاسوب الموجودة بالمنزل.

ومن أهم الإرشادات للتعامل مع استخدام الأطفال للإنترنت حسب عمره، نذكر:

الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 أعوامٍ

تنفيذ الرقابة الأبوية على كل من أجهزة الكمبيوتر والأجهزة النقالة داخل المنزل من خلال منع المواقع غير المناسبة ووضع كلمات سر لأجهزة الكمبيوتر والأجهزة النقالة.

بذلك يصبح الأطفال غير قادرين على استخدام تلك الأجهزة دون إذن من الأهل، ما يجعل رقابة الأهل على الطفل منظمة.

فالأهل في هذه المرحلة هم من يختارون المحتوى لطفلهم بعد اطلاعهم الجيد على هذا المحتوى، بحيث يوجه الطفل إلى استخدام تلك المواقع بمساعدة الأهل والإشراف الكامل على استخدامه للإنترنت.

الأطفال بين أعمار 6-9

تستمر عملية مراقبة نشاط الطفل على الإنترنت، حتى يكون الأهل على معرفة بكل ما يشاهده أو يقوم به ابنهم على الإنترنت، لكن الرقابة في هذه المرحلة تأخذ طابع النقاش مع الطفل حول اختيار المحتوى.

والبدء بإطلاعهم على خصوصية المعلومات وما لا يمكن وضعه في الإنترنت وما يجب الابتعاد عنه.

الأطفال من 10 إلى 12

في هذه المرحلة يميل الطفل إلى قليل من الاستقلالية في استخدام الإنترنت وبشكل كبير إذا امتلك هاتفاً نقالاً خاصاً به؛ لذلك يكون من الأفضل في هذه المرحلة.

تعويد الطفل على نقاش كل ما يقوم به على الإنترنت بحيث يسأله الأهل بشكلٍ دائمٍ.، بالإضافة إلى تثقيفه حول خصوصية المعلومات على الإنترنت.

الأطفال في عمر 13

في هذه المرحلة يصبح الطفل أكثر وعياً ورغبةً في الاستقلالية، فتصبح الرقابة الكاملة غير ممكنة كما في المراحل العمرية السابقة.

لذلك يكون من الأفضل نقاش الأطفال حول خطورة بعض المواقع، التي تؤثر سلباً عليهم وتوضيح خطورة تقديم المعلومات للأشخاص الغرباء على الإنترنت.

 

فوائد استخدام الطفل للإنترنت

إن الاستخدام المنظم للإنترنت الذي يتم من خلال مراقبة الأهل والإشراف على نشاط الطفل على الإنترنت، ومساعدته في انتقاء المحتوى الذي يناسب عمره، له عدة فوائد تعود على الطفل، أهمها:

  • استخدام الإنترنت لتعليم الأطفال: حيث توجد العديد من المواقع التعليمية التي تقدم المعلومات بما يتناسب مع عمر الطفل وبطريقة جذابة كاستخدام الألوان والأصوات التي تجعل المعلومة قريبة للطفل.
  • التواصل مع الآخرين: على أن يتم ذلك تحت مراقبة الأهل ومعرفة هوية الأشخاص الذين يتحدث معهم الطفل، فذلك يحسن قدرة الطفل على التعامل مع الناس بشكلٍ جيد، أي التفاعل اجتماعياً مع الآخرين.
  • توسيع مدارك الطفل: من خلال اطلاعه على الأشياء المحيطة به وتهيئته على حقائق موجودة في الواقع بطريقةٍ قريبةٍ إليه وممتعة، قد تكون عن طريق بعض الألعاب التعليمية الموجودة على الإنترنت أو من خلال الرسوم المتحركة.

أخيراً.. إن الإنترنت ذو تأثير كبير على سلوك وتفكير الأطفال سواء سلباً أو إيجاباً وفقاً لطريقة استخدامه، حيث أن الاستخدام العشوائي للإنترنت بعيداً عن رقابة الأهل يسبب العديد من العواقب السيئة.

تلك التي تنعكس على سلوك الطفل وحالته النفسية، أما الاستخدام المنظم للإنترنت الذي يتم تحت إشراف الأهل بحسب كل مرحلةٍ عمريةٍ؛ سوف يجعل من الإنترنت وسيلةً متطورة بأيدي الأهل.

تساعدهم في بناء شخصية الطفل لا هدمها، ومن أفضل الحلول لتفادي أخطار محتويات الإنترنت على الأطفال هو أن ينتقي الأهل المحتوى الذي يتناسب مع عمر الطفل.

بالإضافة إلى فتح الباب لمناقشة كل ما يشاهده ويفعله على الإنترنت، لأن ذلك من شأنه أن يجعل الطفل أكثر مصداقية في إخبار أهله بجميع نشاطاته الافتراضية، كما يجعل من الإنترنت أداةً جيدةً في تكوين شخصية الطفل بشكلٍ سليمٍ.