الملكة عفت: رائدة تعليم الفتيات في السعودية
قال عنها د. غازي القصيبي: "كانت رائدة التعليم النسوي في المملكة العربية السعودية، يوم كان الكلام مجرد الكلام عن تعليم المرأة مغامرة غير مأمونة العواقب."
رفعت شعار "تعليم المرأة هو سلاحها"، وهي أول من حاز لقب ملكة في المملكة العربية السعودية.. إنها الملكة عفت، أيقونة تعليم البنات التي غيرت وجه السعودية للأبد، والتي نتعرف على قصتها في هذا الفيديو.
من هي؟
هي الأميرة عفت بنت محمد بن عبد الله بن عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود.
سافرت عائلتها إلى تركيا عندما وقعت الدولة السعودية الأولى مؤقتاً في يد إبراهيم باشا، ابن محمد علي باشا الوالي العثماني على مصر.
وفي اسطنبول، وًلدت الأميرة عفت ونشأت، وتلقت تعليمها الأوَّلِي والثانوي في المدارس التركية.
وشهدت أحداث هذه الحقبة العاصفة ما بين سقوط الدولة العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية.
العودة إلى الوطن
توفي والدها وترك معاشاً بسيطاً، وعاشت مع عمتها بأسطنبول في ظروف مادية شديدة الصعوبة، وهو ما أدى بهم للتفكير في العودة إلى موطن الآباء والأجداد.
وفي عام 1931، قررت عفت وعمتها جوهران أن تكتبا إلى الملك عبدالعزيز كي يأذن لهما بأداء فريضة الحج، فبعث الملك بدعوة لهما، وطلب من ابنه الثاني ونائبه على الحجاز، الأمير فيصل بن عبدالعزيز، أن يُحسن استقبالهما ووفادتهما.
تحكي الملكة عفت عن هذا اللقاء قائلة: "التقيتُ بالملك فيصل بحكم القرابة التي بيننا، وشعر كلانا بالانسجام مع الآخر، جذبتني شخصيته، وظللنا لفترة نتحدث سوياً من خلال ترجمان لأنني عشت في تركيا كل عمري، ولكن شيئاً فشيئاً تعلمتُ اللغة العربية."
زواجها من الملك فيصل
بعد زواجها عام 1932 من الملك فيصل، والذي كان في هذا الوقت نائباً للملك في الحجاز ووزيراً للخارجية، انغمست الأميرة عفت في المجتمع السعودي بشكل أكبر، وتعلمت لهجته، ولفت نظرها غياب المدارس والتعليم، حيث كان الفتيان يتعلمون في الكتاتيب التقليدية، أما الفتيات فلا يتعلمن.
تعليم البنات في المملكة
ثم وُضعت في الأربعينيات بذور التعليم الرسمي بتأسيس مديرية المعارف، لتهتم بإدارة مدارس البنين للذكور.
أرادت الملكة عفت مستقبلاً أفضل للبنات والنساء في بلدها، ففاتحت زوجها في الأمر وهي خائفة من عدم تقبله للفكرة، لكن لحسن الحظ أنه كان رجلاً طموحاً متفتحاً، وشجعها طالما أن الهدف هو بناء مستقبل أفضل للبلاد.
وبالفعل افتتحت قسماً لتعليم البنات إلى جانب قسم تعليم البنين، داخل مدرسة الطائف النموذجية.
واجهت صعوبة في البداية
لكن الأمر لم يكن سهلاً، فالكثير من الأهالي لم يرسلوا بناتهم إلى المدرسة، كما واجهت الملكة عفت انتقادات كثيرة وصفت دخول الفتيات إلى المدارس بـ "بداية المنكر والفساد المؤدي لمشاكل كثيرة"، ليُغلق قسم البنات بعد 4 سنوات من افتتاحه.
أول مدرسة للبنات في السعودية
لكن الملكة عفت لم تيأس، وافتتحت مدرسة لتعليم البنات داخل قصرها، فور إغلاق قسم تعليم البنات في مدرسة الطائف، وكانت تديرها بنفسها، وقررت أن تنتظر الوقت المناسب.
وأخيراً بعد نحو عقد على تأسيس مديرية المعارف الخاصة بالأولاد، وتحديداً في عام 1955، وقفت 30 طالبة في المرحلة الابتدائية في ساحة مدرسة "دار الحنان" بجدة، والتي أسستها الملكة عفت، لينُشدن: "بدار الحنانِ يُضيُء النشيد"، ولتكون بذلك أول مدرسة للبنات في السعودية.
دار الحنان
قدمت "دار الحنان" تعليماً متطوراً في وقتها، وأدخلت الأنشطة التربوية إلى جانب البرامج التعليمية، نظراً لاستقطاب الملكة عفت لمعلمات مؤهلات بشكل عال من دول عربية.
كما تُعتبر "دار الحنان" أول مدارس البنات السعودية في تقديم الأنشطة الثقافية والتربية البدنية والرياضية للبنات.
وقفز عدد الطالبات في العام التالي من 30 طالبة إلى 100 طالبة، لتفتتح الملكة عفت بعدها عدداً كبيراً من المدارس لتعليم الفتيات.
شعارها
رفعت الملكة عفت شعار "تعليم المرأة هو سلاحها"، وكانت تحث أبناءها وبناتها دائماً على التمسك بالعلم، فافتتحت ابنتها الأميرة سارة الفيصل مدارس التربية الإسلامية بالرياض، فيما أسس نجلها الأمير محمد الفيصل مدارس المنارات الدولية.
وأسست الأميرة هيفاء الفيصل المدرسة الفيصلية في مدينة الخبر، ثم افتتح أبناؤها مدارس الملك فيصل بالرياض، وفي عام 1999 أسسوا كلية في جدة حملت اسم والدتهم "عفت".
وفاتها
في 15 فبراير/شباط 2000، توفيت ابنة إسطنبول، الملكة عفت، بعد عملية جراحية، عن عمر ناهز 84 عاماً.
المزيد: