يوسف وهبي: هدده الملك بسحب جنسيته وطالب الأزهر بحبسه بسبب فيلم الرسول
لم يبطل سحر السينما منذ عرفها المشاهدون في يوم تدشينها الأول، وكلما تطورت صناعة الفن زاد ارتباط الجمهور بشاشات العرض العملاقة في الصالات المظلمة، ويبقى سحر الأبيض والأسود الخلاب، باقياً في القلوب رغم كل هذه الألوان الحديثة، ونجوم الزمن الجميل هم سر هذا السحر الذي يحمل رائحة عبق الماضي.
نجم اليوم هو صاحب أول فيلم، ومؤسس السينما المصرية والعربية وأيضا صاحب الأزمة الكبرى حول تجسيد الرسول التي عرضته لسحب الجنسية المصرية، منه بدأ كومبارس في السينما الإيطالية وأصبح عميدا للمسرح العربي شاهدوا معنا الفنان المخضرم يوسف بك وهبي في أرشيف الفنانين.
يوسف وهبي: ابن الطبقة الأرستقراطية وتلميذ كيانتوني
ولد يوسف عبد الله وهبي في السابع عشر من يوليو عام 1898 وسط أسرة أرستقراطية ثرية وشغف بالتمثيل منذ صغره.
وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادي الأهلي وبمدرسته وبعد الحرب العالمية الأولى سافر إلى إيطاليا ليتتلمذ على يد الممثل الإيطالي كيانتوني.
ثم عاد إلى مصر عام 1921 بعد وفاة والده، وقرر أن يستثمر ما ورثه في مجال المسرح؛ حيث كان المجال المسرحي هو المجال الوحيد للتمثيل في مصر فأنشأ شركة مسرح باسم فرقة رمسيس عام 1923.
أعمال فرقة رمسيس ليوسف وهبي: مدرسة فنية جديدة
بدأت فرقة رمسيس بمسرحية المجنون كباكورة لأعمالها المسرحية، وكانت معظم مسرحياتها في بداياتها مترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن.
وقدمت الفرقة بعد ذلك عددا كبيرا وصل إلى أكثر من 300 من المسرحيات المؤلفة والمقتبسة باللغتين العربية والفرنسية.
واتسمت مسرحيات يوسف وهبي بالميلودراما ما جعلها مختلفة عن مسرحيات الشعر الراقص التي قدمها الفنانون أمثال نجيب الريحاني، وعلي الكسار وغيرهما فاعتمد وهبي على تقديم روائع الآداب الفرنسي والإيطالي والإنجليزي ليخالف بذلك من سبقوه في فن المسرح وينشئ مدرسة جديدة خاصة به.
يوسف وهبي وأزمة فيلمه عن الرسول
في ذروة تألقه، تعرض يوسف وهبي لأزمة كادت تعصف بنجاحه الفني؛ حيث نشرت إحدى المجلات عام 1928 أن شركة سينماتوغراف الفرنسية جاءت إلى مصر واتفقت مع عميد المسرح العربي على تمثيل فيلم النبي محمد.
واشترطت الشركة أن ينتقل مع بعض أفراد فرقته إلى باريس، وأن الفيلم من إنتاج تركي وبعد مقابلة يوسف وهبي مع منتج الفيلم بالقاهرة، أخذ وهبي يستعد لأداء دوره، وصنع لنفسه صورا فوتوغرافية للشكل الذي سيظهر به في الفيلم وهي صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين الراهب الروسي المثير للجدل.
لتُفتح عليه أبواب جهنم من كل حدب وصوب وشنت حملة شرسة ضده وأرسل شيخ الأزهر خطابا إلى وزارة الداخلية في اليوم التالي مباشرة، يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر ومنعه من تنفيذ ذلك ولو اقتضى الأمر منعه من السفر بالقوة وإيداعه السجن.
كما طالب بأن تخاطب حكومة باريس بواسطة السفارة المصرية هناك لمصادرة هذه الرواية، وبالفعل استدعت الداخلية يوسف وهبي وحققت معه وبالفعل تحت ضغط شعبي وتحت تهديد الملك فؤاد بسحب جنسيته المصرية منه، اعتذر وهبي في الصحف عن قبوله هذا الدور.
يوسف وهبي ودخول عالم الإنتاج السينمائي
انطلاقاً من هنا فكر يوسف وهبي، في اقتحام عالم السينما كما فعل بالمسرح وبالفعل، بمشاركة صديقه محمد كريم الذي حضر من ألمانيا بدأ الاثنان يحضران فيلم زينب، وهو أول فيلم صامت بطولة بهيجة حافظ ليكون بداية السينما المصرية.
وذكر يوسف وهبي في أحد اللقاءات أنه بنى بيتا من الطين بالقرب من القاهرة لتصوير الفيلم حيث لم تكن هناك استوديوهات للتصوير بعد وخرج فيلم زينب عام 1930، ونجح نجاحا كبيرا وتم بناء أول استوديو مصري.
وكان يعتمد على إضاءة الشمس فقط ليدخل مرحلة الفيلم الناطق الذي هز العالم أجمع وكان أول فيلم مصري ناطق، هو أولاد الذوات الذي عرض عام 1932، وهكذا وضع يوسف وهبي حجر الأساس للسينما العربية في مصر.
وفاة يوسف وهبي
ورحل الفنان الكبير يوسف وهبي، عن عالمنا في السابع عشر من أكتوبر من عام 1982 إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة وتخليدا لذكراه، تكونت في مسقط رأسه الفيوم جمعية تحمل اسمه؛ هي جمعية أصدقاء يوسف وهبي وأقيم له تمثال أمام مقر هذه الجمعية على رأس الشارع الذي يحمل اسمه.
المزيد: