"الحُطيئة" أشهر شعراء الهجاء عند العرب
الحلقة الرابعة من برنامج بالعربي مع آرام
لم يكن الشعر العربي بمنأى عن الهجاء، فعلى الرغم من قساوة ألفاظه وحدّة مواضيعه إلا أنه ساهم في إغناء المكتبة العربية بالقصائد الخالدة إلى يومنا هذا.
سنتحدث اليوم عن الشاعر الجاهلي المشهور "الحُطيئة".
من هو الحُطيئة؟
هو جرول بن أوس بن مالك العبسي والملقب بأبو مُليكة، واحد من أهم الشعراء العرب المخضرمين، و معنى كلمة مخضرم في اللغة العربية هو الشاعر الذي أدرك عصرين، وشاعرنا الحطيئة عاش في العصر الجاهلي وأدركَ العصر الإسلامي.
اشتهرَ الحطيئة بالهجاء والشتم، حتى بعد إسلامه لم يتغير شيء في أسلوبه، فلسانه السليط سبب له متاعب كثيرة ما أدخله الحبس عدة مرات.
أشهر قصائده في الهجاء
قال في هجاء قومهِ:
فانْ يصطنعني اللهُ لا أصطنعكم
ولا أعطي مالي على العثراتِ
لَعَمري لقد جربتُكُم فوجدتكُم
قباحَ الوجوهِ سيّئِ العذراتِ
وجدتكم لم تجبروا عظمَ مغرمٍ
ولم تنحِروا النيبَ في الحجراتِ
في هجاء زوجته:
لها جسمُ برغوثٍ وساقُ بعوضةٍ
ووجهٍ كوجهِ القردِ بل هو أقبحُ
تبرقُ عيناها إذا ما رأيتَها
وتعبِسُ في وجهِ الجليسِ وتكلحُ
لها مضحكٌ كالحشِ تحسِبُ أنها
إذا ضحكتْ في أوجهِ الناسِ تسلحُ
اذا عاينَ الشيطانُ صورةَ وجهها
تعوّذَ منها حين يمسي ويصبحُ
في هجاء أمه:
تنحّي فاجلسي عني بعيداً
أراحَ اللهُ منكِ العالمينا
أغربالاً إذا ما استُودعتِ سراً
وكانوناً على المتحدثينا
حياتُكِ ما علمتُ حياةُ سوءٍ
وموتُكِ قد يسرُّالصالحينا
ويقول في هجائه لنفسه:
أبتْ شفتايَ اليومَ الا تكلماً
بسوءٍ فما أدري لمن أنا قائلُهُ
أرى لي وجهاً قبّحَ اللهُ خلقَهُ
فقُبّحَ من وجهٍ وقُبّحَ حاملُهُ
طرائف الشاعر الحطيئة
يروى عن الحطيئة قصة طريفة حين اجتمع أصدقائه حوله وهو على فراش الموت، فسأله أحد الموجودين: من أشعر الناس يا أبا حطيئة؟
فقال: مشيراً الى فمهِ، هذا الحجير اذا طمع في خير، وهذا يعني أنه يقصد أنه أشعر الناس.
وسألوه أيضاً: يا حطيئة بما توصي الفقراء؟
فقال: أوصيهم بالإلحاح في المسألة، فإنها تجارةٌ لا تبور!
والمسألة يقصد بها هنا "الشخاذة"!
و على العموم لم يقتصر شعر الهجاء على الحطيئة فقط، بل كان هناك الكثير من الشعراء الذين برعوا في فن الهجاء وتركوا بصمتهم الراسخة فيه،
كالأعشى وابن الرومي والفرزدق والكثير غيرهم..
ومن هنا نستنتج أن الشعر العربي لم يكن كوقفة على الأطلال يبكي بها الشاعر فراق الأحبة فحسب، كما لم يكن وصفاً لأفعال الأبطال في ساحات الوغى فقط،
أو افتخاراً في الآباء والأجداد، إنما كان فناً شعرياً جمع كل الأغراض.