الحسن ابن الهيثم: رائد المنهج العلمي الحديث وأول من قدم نموذج للكاميرا
هل تستخدم الكاميرا لالتقاط الصور واللحظات المميزة؟ من منا لا يفعل؟ لكن هل تعلم أن أول من وضع أساساُ مبدئياُ لعمل الكاميرا هو العالم العربي الحسن ابن الهيثم؟
دراسته
وُلد أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم في 354 هـ/ 965 م، وتوفي في 430 هـ/ 1040 م في مدينة البصرة بالعراق.
كرس ابن الهيثم نفسه لدراسة الرياضيات والفيزياء والبصريات، بالإضافة إلى الفلك والهندسة، وهو من أوائل الفيزيائيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب في محاولة تفسيرها بالاعتماد على الرياضيات، دون اللجوء لتجارب أخرى.
يعتبر ابن الهيثم أول من شرّح العين تشريحاً كاملاً، ووضح وظائف أعضائها.
إنجازاته في علم الضوء
كما أورد في كتابه الشهير "المناظر" معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم مسألة "ابن الهيثم".
وقد استطاع ابن الهيثم أن يصحح العديد من المفاهيم الخاطئة التي سادت في عصره، ولعل أهمها إثباته أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين لا العكس، كما شاع الاعتقاد في ذلك الوقت.
وأثبت ابن الهيثم أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية الانكسار ليست متساوية، كما قدم عدداً من الأبحاث حول قوى تكبير العدسات.
قدم أول نموذج للكاميرا
وقدم ابن الهيثم أول نموذج للكاميرا التي نعرفها وذلك من خلال تجربة عرفت باسم (الصندوق المظلم)، وذلك من خلال دراسته لكيفية عمل العين والرؤية وحركة الضوء، وإجراء العديد من التجارب على مختلف أنواع وأحجام العدسات والمرايا، كما درس انعكاس الضوء وانكساره.
واستطاع ابن الهيثم بعد هذه التجارب أن يقدم أول نموذج للكاميرا، وهو عبارة عن صندوق يحتوي على ثقب صغير في أحد جوانبه، وعند انبعاث الضوء من أحد الأجسام إلى الثقب تتكون صورة مقلوبة لهذا الجسم داخل الصندوق.
أشهر مؤلفاته
بلغ عدد مؤلفات ابن الهيثم طبقاً للمؤرخين أكثر من مائتي عملاً، لكن لم يصلنا منها سوى 55 عملاً، تُرجم معظمها إلى العديد من اللغات، وأشهرها هو كتاب المناظر المكون من سبعة مجلدات، والذي تُرجم إلى اللاتينية.
ومن مؤلفاته الأخرى: رسالة في الضوء، ميزان الحكمة، الخلاصة في علم الفلك.
تأثيره على علماء الغرب
ساهم كتابه "المناظر" في التأثير على العديد من علماء أوروبا أشهرهم روجر باكون ويوهانس كيبلر، كما أسهم الكتاب في التطور الكبير للمنهج التجريبي.
وقد ذكرت عالمة الأعصاب روزانا غورينيأن ابن الهيثم هو رائد المنهج العلمي الحديث، فقد وضع طرقاً تجريبية صارمة لمراقبة التجارب العلمية والتحقق من الفرضيات النظرية.
تكريمه
وتكريماً لاسمه، أطلق اسم ابن الهيثم على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر، وفي 7 فبراير 1999، أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديثاً، كما أطلق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان بباكستان، وطُبعت صورته على العملات العراقية، كما أطلقت اليونسكو على السنة الدولية للضوء في عام 2015 اسم ابن الهيثم أبو البصريات.
ادعى الجنون ليهرب من بطش السلطة
اضطر ابن الهيثم لادعاء الجنون للهرب من بطش السلطة.
وكان ابن الهيثم قد وضع اقتراحاً لتنظيم فيضان النيل وقدمه للحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي في مصر، وقد تحمس الحاكم بأمر الله للمقترح وعينه رئيساً لفريق كبير لتنفيذ الفكرة.
لكن ابن الهيثم اكتشف أن فكرته غير قابلة للتنفيذ، ليصادر الحاكم بأمر الله ممتلكاته، وغضب عليه غضباً شديداً.
ولكي يأمن بطشه، اضطر ابن الهيثم ﻷن يدّعِي الجنون، ومكث في منزله حتى وفاة الحاكم عام 1021 م.
وقد توفي ابن الهيثم في القاهرة عام 1040 م.
المزيد: