تريند الكركم: الظاهرة التي أثارت جدلًا واسعًا في 2025
تصدر تريند الكركم مؤشر محركات البحث خلال الفترة الماضية ليثير التريند الشهير الجدل بين المتابعين.. فما القصة؟.
بداية الظاهرة وانتشارها الواسع
في منتصف عام 2025، بدأ مصطلح "تريند الكركم" يكتسب زخمًا غير متوقع على منصات التواصل الاجتماعي، تحديدًا على تيك توك وإنستغرام. في البداية، لم يكن واضحًا تمامًا ما الذي يدفع المستخدمين لاستخدام الكركم بطريقة غير مألوفة؛ البعض استخدمه في وصفات للبشرة، وآخرون استخدموه في مقاطع تمثيلية أو طقوس غريبة. ثم شيئًا فشيئًا، تطور الأمر إلى ظاهرة جماعية، أصبحت خلالها مقاطع الفيديو التي تتضمن الكركم تحصد ملايين المشاهدات خلال ساعات.
من وصفة طبيعية إلى طقس رمزي
المثير في هذا التريند أنه تجاوز الاستخدام المعتاد للكركم كمكون في الطهي أو الجمال، وتحول إلى ما يشبه الطقس الرمزي، حيث يقوم البعض بدهن وجوههم أو أجسادهم بالكركم، ويقومون بحركات معينة مع موسيقى درامية أو صوفية في الخلفية. بالنسبة للبعض، بدا الأمر وكأنه استحضار لقوة داخلية أو طاقة شفاء، بينما رآه آخرون مجرد محتوى فكاهي لا أكثر.
الجدل الديني والاجتماعي
مع توسع التريند، دخل الجدل حيّزًا أكبر. بعض المتابعين والمؤثرين اعتبروا ما يحدث خروجًا عن المألوف وقد يقترب من المحظورات الدينية. ظهرت منشورات تنتقد الظاهرة وتصفها بـ"الطقوس الوثنية"، فيما ذهب آخرون إلى اعتبارها "سحرًا معاصرًا" متنكرًا في قالب ترفيهي. علماء دين حذروا من تقليد هذه الحركات دون فهم معناها، وأكدوا أن بعض التصرفات قد تدخل في باب المحرمات إذا ارتبطت بنيات باطنية أو رموز خفية.
وجهة نظر علم النفس والاجتماع
في مقابل هذا الجدل، خرج مختصون في علم النفس وعلم الاجتماع لتحليل الظاهرة من منظور سلوكي وثقافي. أشار بعضهم إلى أن التريندات التي تعتمد على طقس أو رمز معين تعكس في كثير من الأحيان رغبة الأفراد في التعبير عن ذواتهم بشكل غير تقليدي، أو البحث عن الانتماء إلى جماعة معينة تشعرهم بالأمان أو التميز. الكركم، في هذا السياق، تحول إلى "وسيط رمزي" يتفاعل من خلاله الناس مع الضغوط النفسية أو الحياة اليومية الرتيبة.
مشاركة واسعة من جميع الفئات
ما لفت الأنظار أيضًا هو أن المشاركين في التريند لم يقتصروا على فئة واحدة، بل شملوا رجالًا ونساءً، شبابًا وكبارًا، وأشخاصًا من خلفيات ثقافية واجتماعية واقتصادية متنوعة. شاركت فنانات شهيرات بمقاطع ذات طابع ساخر، بينما استخدمه آخرون كرسالة ذات بُعد روحي أو اجتماعي.
التحول إلى ماركة تجارية
كما هو معتاد في التريندات الناجحة، لم يمر وقت طويل قبل أن تدخل بعض الشركات على الخط، مستغلة الشعبية الكبيرة للكركم. ظهرت منتجات تجميل جديدة تحتوي على الكركم تحمل أسماء مستوحاة من التريند، وتم إطلاق حملات دعائية تحت شعار "الكركم مش بس بهار"، ما حول التريند من مجرد ظاهرة إلكترونية إلى سوق حقيقية.
مقارنة مع ظواهر مشابهة
بالنظر إلى النصف الأول من عام 2025، ظهرت تريندات مشابهة، مثل تحدي "الماء والملح" الذي أثار لغطًا حول مفهوم الطهارة والطاقة السلبية، أو تريند "قراءة الهالة" الذي أثار أيضًا جدلًا دينيًا. لكن تريند الكركم فاقها من حيث الانتشار والتفاعل والجدل. ما يجعله مختلفًا هو ارتباطه بمكون له خلفية صحية وروحية في ثقافات متعددة، ما جعله أكثر مرونة في التفسير وأكثر إثارة للجدل في الوقت نفسه.
المنصات وتضخيم الظاهرة
منصات مثل تيك توك كانت العنصر الحاسم في تضخيم الظاهرة، خاصة مع خاصية المقاطع القصيرة التي تُسهم في الانتشار الفيروسي للمحتوى. ساعدت الخوارزميات في تصدر هذه المقاطع قوائم الترند، خصوصًا عندما تكون مصحوبة بموسيقى معينة أو بصوت مؤثر. يلاحظ أيضًا أن مشاركة المؤثرين كانت المفتاح الأساسي لشرعنة التريند عند الجمهور.
هل هو مجرد ترفيه؟
رغم كل ما أثير، هناك رأي يقول إن التريند لا يتجاوز كونه وسيلة للترفيه، وأن تحميله أكثر مما يحتمل قد يكون مبالغة. كثيرون شاركوا فيه بنية الضحك أو التقليد، دون إيمان بأي رمزية أو مغزى. لكن هذا لا يمنع من التوقف أمام كيف يمكن للمحتوى الترفيهي أن يتحول في ظرف أيام إلى حالة جدلية تتطلب موقفًا واضحًا.
تريند الكركم
تريند الكركم هو ظاهرة معقدة تعكس ديناميكية التفاعل بين السوشيال ميديا والمجتمع والدين والثقافة. لا يمكن حصره في خانة واحدة، فهو في الوقت نفسه ترفيهي، جدلي، رمزي، وتعبيري. تفاعل الناس معه إما برفض أو قبول أو استهزاء أو تأمل، وكل رد فعل منهم يكشف شيئًا عن طبيعة مجتمعاتنا وهوياتنا المتعددة. وربما يكون السؤال الأهم ليس: "هل الكركم حلال أم حرام؟"، بل: "لماذا ننجذب بهذه السرعة إلى الرموز الجماعية؟"
المزيد: