الشريف الإدريسي أبو الجغرافيا وصاحب كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
أطلقت وكالة ناسا اسمه على سلسلة جبال في كوكب بلوتو.. هو أبو الجغرافيا، وأول من رسم خريطة العالم.. اليوم نتعرف على الشريف الإدريسي في هذا الفيديو.
مولده وحياته
هو أبو عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس الحمودي الحسني، ينتسب للأسرة الإدريسية العلوية، ولذلك يلقب بالشريف الإدريسي.
ولُقِّبَ بالصقلي لأنه أمضي سنوات طويلة من حياته في صقلية، كما لقب أيضاً بسطرابون العرب تشبيهاً بالجغرافي الإغريقي سطرابون.
ولد في سبتة بالمغرب عام 493هـ (1100م). وتوفي عام 561هـ (1166م).
تعليمه ودراسته
بدأ الشريف الإدريسي تعليمه في سبتة وفاس، ثم انتقل إلي قرطبة وأمضى فيها عدة سنوات.. أتقن الجغرافيا والفلك والحساب والهندسة، كما درس الطب والصيدلة والنبات.
ودرس الإدريسي كذلك مؤلفات كبار الجغرافيين مثل بطليموس وابن حوقل وغيرهم، فأحاط إحاطة شاملة بانجازات من سبقه من الجغرافيين.
رحلاته
قام الشريف الإدريسي بعدد من الرحلات في بلاد حوض البحر المتوسط، زودته هذه الرحلات بالكثير من المعلومات لم يحصل عليها من اكتفوا باكتساب معارفهم من الكتب والموسوعات.
فزار مصر والشام والقسطنطينية، ومكث بقرطبة لفترة، وتنقل بين أقاليم الأندلس والشمال الإسباني والبرتغال والشاطئ الفرنسي وجنوب إنجلترا.
وأخيراً زار صقلية عندما دعاه ملكها روجر الثاني، وحل عليه ضيفاً في بلاد العاصمة باليرمو، ومكث في صقلية قرابة عشرين عاماً.
حياته في صقلية
بعد سقوط الدولة الإسلامية، اختار الإدريسي جزيرة صقلية للعيش فيها، كان ملك صقلية روجر الثاني معروفاً بحبه للعلم والمعرفة، وهو ما جعله يشمل الإدريسي برعايته.
خريطة العالم
قسَّم الإدريسي النصف الشمالي للكرة الأرضية إلي سبع مناطق مناخية متباينة. ثم قسم كلاً منها إلي 10 قطاعات متساوية في عدد خطوط الطول بها، ورسم لكل قطاع من هذه القطاعات السبعين خريطة مستقلة بحيث كوَّنت الخرائط السبعون في مجموعها خريطة شاملة للعالم عُرفت بخريطة الإدريسي، وهي أدق ما وصل إليه علم الجغرافيا وفن رسم الخرائط في ذلك العصر.
الكرة الفضية
صنع الإدريسي لروجر الثاني كرة من الفضة رسم على سطحها خريطة العالم لتصبح نموذجاً للكرة الأرضية، وبلغ قُطرُها مترين ووزنها يقدر بوزن رجلين.
وللأسف فُقِدَت الكرة في عصر الجهل والتعصب التي سادت بعد عصر النورمان الأولين.
نزهة المشتاق في اختراق الأفاق
يُعتبر أعظم أعماله أُطلِق عليه "كتاب روجار" أو" الكتاب الروجاري" نسبة إلي الملك روجر الثاني الذي ألف الإدريسي كتابه في كنفه وأهداه إليه.
حين استقر به المقام في جزيرة صقلية، بعث إليه الملك روجر الثاني يقول له: "إني أرغب بأن يكون لديّ كتاب في صفة الأرض، وأن يكون هذا الكتاب مؤلف عن مشاهدة مباشرة لا مُستخرج من الكتب، وإني لم أجد أفضل منك ليقوم بهذه المهمة".
فكان هذا الكتاب الذي اشتهر أيضاً بعنوان "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق".
أشهر مؤلفاته
كما أصدر الإدريسي عدة كتب شهيرة أخرى، مثل:
كتاب "صفة بلاد المغرب": عن جغرافية وأحوال بلاد المغرب.
كتاب "روضة الأنس ونزهة النفس": وبقى منه مختصره المعروف بـ "الإدريسي الصغير".
بالإضافة لمؤلفاته الجغرافية، قدم الإدريسي عدداً من المؤلفات في مجالات مختلفة ومن بينها:
كتاب "الأدوية المفرجة" في مجال الطب، والذي صنف فيه أسماء بعض العقاقير باثنتي عشر لغة.
وفي علم النبات كتاب" الجامع لأشتات النبات".
مكانته
يعد الشريف الإدريسي واحداً من الأعمدة الأساسية التي استندت إليها النهضة الأوروبية.
فقال عنه "جاك ريسلر" في كتابه الحضارة العربية: "ولم يكن بطليموس الأستاذ الحقيقي في جغرافية أوروبا، بل كان الإدريسي الذي ولد عام 1100م وتخرج من قرطبة، والذي عاش في باليرمو: فمصورات الإدريسي التي تقوم علي معرفة كروية الأرض كانت تتويجا لعلم المصورات الجغرافية في العصر الوسيط بوفرتها وصحتها وشمولها".
كما قال "البارون دي سيلان" عن كتاب الإدريسي نزهة المشتاق "إنه كتاب لا يقارن به أي كتاب جغرافي قبله، وهو لا يزال دليلنا إلي بعض أنحاء الأرض".
تكريمه من ناسا
تكريماً للإدريسي، أطلقت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" اسمه على سلسلة جبال تم اكتشافها على سطح كوكب بلوتو، وعُرِضت خرائطه في معرض فرانكفورت للكتاب.
وفاته
عاش الشريف الإدريسي في صقلية 40 سنة، كان مقرباً من الملك روجر الثاني، الذي توفي عام 1154 ميلادياً، مات الإدريسي بعدها بـ 11 عاماً.
واختلفت الرواية حول مكان وفاته، هل ظل في جزيرة صقلية أم عاد إلى مسقط رأسه في سبتة؟ لكن بالتأكيد لا خلاف على أهميته.