الكندي: أول من وضع سُلَّماً للموسيقى العربية
حفر اسمه في التاريخ إلى جوار فلاسفة اليونان الأوائل.. وهو يعد من أهم مؤسسي الفلسفة العربية الإسلامية، أما في الموسيقى فهو أول من وضع سُلَّماً للموسيقى العربية.. إنه يعقوب ابن اسحق الكندي، الطبيب والفيلسوف الموسوعي الذي نتعرف عليه أكثر في هذا الفيديو.
من هو الكندي؟
هو أبو يوسف يعقوب بن إسحق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي الملقب بـ "أبو يوسف الكندي"، وهو من مواليد عام 805 ميلادياً.
برع الكندي في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية.
دراسته وتعليمه
تلقى الكندي علومه الأولية على يد والده الذي كان والياً على الكوفة في العراق، وبعد وفاة والده انتقل للبصرة لدراسة علم الكلام ومكث فيها ثلاث سنوات.
انتقل الكندي بعد ذلك إلى بغداد ليستزيد من مختلف صنوف العلم والمعارف، وكان يقضي جل وقته في بيت الحكمة المكتبة التي أنشأها هارون الرشيد وازدهرت في عصر المأمون.
دوره في إثراء حركة الترجمة
لكنه لم يكتف بقراءة الكتب المترجمة فقط بل أراد قراءة الكتب غير المترجمة بلغاتها الأصلية، وقد دفع هذا الكندي إلى دراسة اللغتين اليونانية والسريانية، وبعد أن أتقنهما بدأ في نقل الكتب وترجمتها إلى العربية.
أوكل إليه المأمون مهمة الإشراف على ترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية اليونانية إلى العربية في بيت الحكمة، وقد عدّه ابن أبي أصيبعة مع حنين بن إسحق وثابت بن قرة وابن الفرخان الطبري حذّاق الترجمة المسلمين.
فيلسوف العرب
مكّنه اطلاعه على مختلف العلوم والأفكار من كتابة أطروحات أصلية في الأخلاقيات وما وراء الطبيعة والرياضيات والصيدلة، وقد تناول الكندي في الكثير من أعماله مسائل فلسفية دينية مثل طبيعة الله والروح والوحي.
ويعد الكندي أول الفلاسفة المسلمين والعرب المتجولين، حيث تنقل بعلمه ونظرياته من بلد إلى بلد، ومن حضارة إلى أخرى، وهو واحد من أعظم فلاسفة العرب لهذا يلقب بـ "أبو الفلسفة العربية" أو "فيلسوف العرب".
كما بذل الكندي جهداً كبيراً في تقريب الفكر الفلسفي اليوناني وتحويله من مواد صعبة الفهم إلى نصوص سهلة التناول لدى العرب.
مؤلفاته
نجح الكندي في إثراء المكتبة العربية بأمهات الكتب في مختلف العلوم، وقد وصل عدد مؤلفاته إلى 241 كتاباً موزعاً على 17 مجالاً من مجالات المعرفة، غير أن الكثير من هذه المؤلفات فُقدَت ولم يبقَ من أعماله إلا 50 كتاباً.
وقد تنوعت أعماله بين الفلك والفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات.
دوره في الموسيقى العربية
لم تقتصر إسهامات الكندي على مجالات العلوم فقط، لكنها امتدت لتشمل الفنون والموسيقى أيضاً، فهو أول من وضع قواعد للموسيقى في العالم العربي والإسلامي، إذ اقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود، بجانب دوره في وضع سلم موسيقي ما زال يستخدم في الموسيقى العربية من 12 نغمة.
كما كان الكندي سباقاً في إدراك التأثير العلاجي للموسيقى، وحاول علاج صبي مشلول شللاً رباعياً بالموسيقى.
والكندي له ما يقرب من 15 أطروحة في نظرية الموسيقى، لم يبق منها إلا خمس فقط، وهو أول من أدخل كلمة "موسيقى" للغة العربية.
إرثه
ورغم اندثار معظم الإرث الذي تركه أبو يوسف الكندي، فقد تربع على عرش الفلاسفة العرب والمسلمين الذين أبدعوا في المزج بين الثقافات المنتمية لحضارات متباينة.