حكاية قل للمليحة في الخمار الأسود
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في كانون الأول أو ديسمبر عام 1973، ومنظمة اليونيسكو للاحتفال بيوم اللغة العربية يوم عالمي بسبب أنها واحدة من أهم اللغات العالمية حيث تحتوي على الكثير من المفردات والمعاني الهامة، فهي لغة الضاد حيث يتحدث بها ما يقارب من 467 مليون نسمة، فهي لغة منتشرة عبر دول العالم، ليس دول الوطن العربي فقط من تتحدث بهذه اللغة هناك بعض الدول في قارة آسيا تتحدث العربية.
حكايةُ "المليحةِ والخمارِ الأسودِ"
يُحكَى في القَصصِ الشعبيةِ العِراقيةِ أن تاجرًا حِجازيًّا قدِمَ إلى الكوفةِ لبيعَ الخُمُرَ النسائيةَ، فباعَها كلَّها ما عدا ذواتِ اللونِ الأسودِ منها، إذ أعرضَتْ بناتُ الرافدَيْن عن شرائِها. كانَ ذلك في عهدِ الدولةِ الأُمَويَّةِ وعلى الأرجَحِ في ثمانينيَّاتِ القرنِ الهجريِّ الأولِ.
لم يَرْضَ التاجرُ الحجازيُّ بمُغادَرةِ سوقِ الكوفةِ قبلَ بَيعِ بضاعتِه، وعندَها فكَّرَ في حيلةٍ لإقناعِ النساءِ بشراءِ الخمارِ الأسودِ.
ويومَها كانَ الشاعرُ مِسكينُ الدَّارميُّ قدِ اعتزلَ الشعرَ ومجالِسَ الغناءِ واللهوِ واختلَى في زاويةٍ بأحدِ المَساجِدِ يرجُو رحمةَ ربِّه.
و"مسكينٌ الدارميُّ" كُنيةُ ربيعةَ بنِ عامرٍ، وهو شاعرٌ من بني تميمٍ كانَ مَحظِيًّا عندَ أُمراءِ بني أميةَ وخصوصًا مُعاويةَ بنِ أبي سفيانَ وابنَه يزيدَ، وعاصَرَ أيامَ عبدِ الملك بن مروان.
وعندَمَا طلبَ منه التاجرُ الحِجازيُّ أن يساعِدَه في إنقاذِ بضاعتِه من الكسادِ رفضَ، ولكنَّه رقَّ له حينَ أكَّدَ له أنه سيعجَزُ عن إعالةِ أسرتِه إذا لم يتمكَّنْ من بيعِ الخُمُرِ السودِ.
حينَ طلبَ التاجرُ من مِسكينٍ الدارميِّ أن يساعِدَه في التسويقِ لخُمُرِه، أنشَدَ الدارميُّ أبياتًا تُصوِّرُ ناسكًا اعتكَفَ في المسجدِ واعتَزَل الدنيا، ولكنَّ سيدةً ترتدي خمارًا أسودَ أغوَتْه وفتَكَتْ بمشاعرِه فهامَ في حبِّها قائلًا:
قُلْ للمَليحةِ بالخمارِ الأسودِ ** ماذا فعلتِ بناسكٍ مُتعبِّدِ؟
قد كانَ شمَّرَ للصلاةِ ثيابَه ** حتى وَقَفتِ له ببابِ المسجدِ
رُدِّي عليه صلاتَه وصيامَه ** لا تقتُلِيه بحقِّ دينِ مُحمَّدِ
وعلى الفورِ، شاعَ في أحياءِ الكوفةِ أن مسكينًا الدارميَّ تركَ الزُّهدِ والتنسُّكَ بعد أن رأى امرأةً ترتدي خمارًا أسودَ، فأقبلَتِ النسوةُ على شراءِ بضاعةِ التاجرِ الحجازيِّ اعتقادًا منهنَّ بقدرتِها على سَلْبِ ألبابِ الرجالِ.
يقولُ الناقدُ الموسيقيُّ مجيد السامرائي إن أبياتِ المليحةِ والخمارِ الأسودِ تُمثِّلُ أولَ دعايةٍ تسويقيةٍ في التاريخِ الإسلاميِّ وتُغنَّى في المَقاماتِ الشرقيةِ مِثلَ الحجازِ والصَّبَا والنَّوَى.