حكاية مثل إنما العاجز من لا يستبد
إنما العاجز من لا يستبد، هي كلمات قالها أولا عمر بن أبي ربيعة، ثم صارت مثلا بعد مئة عام؛ فما قصة هذا المثل؟
وحتى نعرف حكاية هذا المثل ولا بد أن نقف على هذه الأبيات التي كتبها عمر بن أبي ربيعة:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد ** وشفت أنفسنا مما نجد
واستبدت مرة واحدة ** إنما العاجز من لا يستبد
وبعد مئة سنة جاء هارون الرشيد الخليفة العباسي وأطلقها مثلا؛ وذلك أن رجلا من عامة الناس يدعى أبا العود أمر له الرشيد بثلاثين ألف درهم، فتأخر الحاجب البرمكي يحيى بن خالد في صرف الجائزة وماطل فيها، وكان البرامكة حينئذ متنفذين في الحكم أولي سطوة على مفاصل الدولة وخزائنها، فدخل أبو العود يوما على الرشيد ولم يشأ أن يقول له إنه لم يتسلم الجائزة، فأنشده أبيات ابن أبي ربيعة:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد ** وشفت أنفسنا مما نجد
واستبدت مرة واحدة ** إنما العاجز من لا يستبد
فهم الرشيد مغزى الرسالة وظل يردد الأبيات طول الليل حتى إذا دخل عليه حاجبه البرمكي صباحا أنشده الأبيات. خرج البرمكي وسأل: "من الذي دخل على الرشيد وأنشده هذه الأبيات؟" فقيل له: "ذاك أبو العود". فأرسل في طلبه ودفع إليه ثلاثين ألف درهم، وزاد عليها عشرين ألفا منه، غير أن ذلك لم يحل دون نكبة البرامكة التي وقعت بعد ذلك.